منتديات ابــــــــــو وســــــــــــــــــــــام
اهلا وسهلا بكم عزيزى الزائر نروجو منك التسجيل بالمنتدى
وشكرا تحياتي أبـــــــــــو وســــــــــــــــام .....................
منتديات ابــــــــــو وســــــــــــــــــــــام
اهلا وسهلا بكم عزيزى الزائر نروجو منك التسجيل بالمنتدى
وشكرا تحياتي أبـــــــــــو وســــــــــــــــام .....................
منتديات ابــــــــــو وســــــــــــــــــــــام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات ابــــــــــو وســــــــــــــــــــــام

منتديات أبـــــــــــو وســـــــــــــام تـــــــــــرحـــــــــــــــــــــــب بـــــــــــــكم
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  شات فريق الاصحابشات فريق الاصحاب  هاتهات  

 

 تفسير سوره الانشقاق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
apowesam
Admin
Admin
apowesam


عدد المساهمات : 576
تاريخ التسجيل : 21/02/2010

تفسير سوره الانشقاق Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سوره الانشقاق   تفسير سوره الانشقاق Icon_minitimeالخميس فبراير 25, 2010 12:39 am

تفسير سوره الانشقاق 1188478929سورة الانشقاق
سورة الانشقاق مكية في قول الجميع, وهي خمس وعشرون آية
بِسم اللّهِ الرّحمَن الرحيم
** قوله تعالى: إِذَا السّمَآءُ انشَقّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا وَحُقّتْ * وَإِذَا الأرْضُ مُدّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا وَحُقّتْ }.
قوله تعالى: {إِذَا السّمَآءُ انشَقّتْ} أي انصدعت, وتفطرتْ بالغَمام, والغَمام مثل السحاب الأبيض. وكذا رَوَي أبو صالح عن ابن عباس. وروي عن عليّ عليه السلام قال: تُشَقّ من المجرة. وقال: المُجَرّة باب السماء. وهذا من أشراط الساعة وعلاماتها. {وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا وَحُقّتْ} أي سمِعت, وحق لها أن تسمع. رُوِي معناه عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما¹ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أذِن الله لشيء كَأذنَه لنبيّ يتغنى بالقرآن» أي ما استمع الله لشيء¹ قال الشاعر:
صُمّ إذا سمِعوا خيراً ذُكرتُ بِهوإن ذُكِرتْ بِسُوءِ عِندهم أذِنُوا
أي سمعوا. وقال قعنب بن أمّ صاحب:
اِنْ يأذَنُوا رِيبةً طاروا بها فرحاًوما هُمُ أذِنوا من صالحٍ دَفَنُوا
وقيل: المعنى وحقّق الله عليها الاستماعَ لأمره بالانشقاق. وقال الضحاك: حُقّتْ: أطاعت, وحُقّ لها أن تطيع ربها, لأنه خلقها¹ يقال: فلان محقوق بكذا. وطاعة السماء: بمعنى أنها لا تمتنع مما أراد الله بها, ولا يبعد خلق الحياة فيها حتى تطيع وتجيب. وقال قتادة: حق لها أن تفعل ذلك¹ ومنه قول كثير:
فإن تكنِ العُتْبِى فأهلاً ومَرْحَباًوحُقّتْ لها العُتْبَى لدينا وقَلّتِ
قوله تعالى: {وَإِذَا الأرْضُ مُدّتْ} أي بُسِطَت ودُكّت جِبالها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تُمَدّ مَدّ الأديم» لأن الأديم إذا مدّ زال كل انثناء فيه وامتدّ واستوى. قال ابن عباس وابن مسعود: ويزاد, وسعتها كذا وكذا¹ لوقوف الخلائق عليها للحساب حتى لا يكون لأحد من البشر إلا موضع قدمه, لكثرة الخلائق فيها. وقد مضى في سورة «إبراهيم» أن الأرض تبدل بأرض أخرى وهي الساهِرة في قول ابن عباس على ما تقدم عنه. {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلّتْ} أي أخرجت أمواتها, وتخلت عنهم. وقال ابن جُبَير: ألقت ما في بطنها من الموتى, وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء. وقيل: ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها, وتخلت منها. أي خلا جوفها, فليس في بطنها شيء, وذلك يؤذن بعظم الأمر, كما تلقي الحامل ما في بطنها عند الشدة. وقيل: تَخَلّت مما على ظهرها من جبالها وبحارها. وقيل: ألْقَتْ ما استُودِعتْ, وتخلت مما استحفظت¹ لأن الله تعالى استودعها عباده أحياء وأمواتاً, واستحفظها بلاده مزارعة وأقواتاً. {وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا} أي في إلقاء موتاها {وَحُقّتْ} أي وحق لها أن تسمع أمره. واختلف في جواب «إذا» فقال الفراء: «أذِنت». والواو زائدة, وكذلك «وألْقَتْ». ابن الأنباري: قال بعض المفسرين: جواب «إذا السماء انشقت» «أذِنت», وزعم أن الواو مقحمة وهذا غلط¹ لأن العرب لا تقحم الواو إلا مع «حتى ـ إذا» كقوله تعالى: {حَتّىَ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} (الزمر: 73) ومع «لما» كقوله تعالى: {فَلَمّا أَسْلَمَا وَتَلّهُ لِلْجَبِينِ} {وَنَادَيْنَاهُ} (الصافات: 103) معناه «ناديناهُ» والواو لا تقحم مع غير هذين. وقيل: الجواب فاء مضمرة كأنه قال: «إذا السماء انشقت» فيأيها الإنسان إنك كادح. وقيل: جوابها ما دل عليه «فمُلاقِيهِ» أي إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كدحه. وقيل: فيه تقديم وتأخير, أي {يَأَيّهَا الإِنسَانُ إِنّكَ كَادِحٌ إِلَىَ رَبّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ} «اِذا السماء انشقت». قال المبرد. وعنه أيضاً: الجواب «فأما من أوتِي كِتابه بِيمينِهِ» وهو قول الكسائي¹ أي إذا السماء انشقت فمن أوتي كتابه بيمينه فحكمه كذا. قال أبو جعفر النحاس: وهذا أصح ما قيل فيه وأحسنه. قيل: هو بمعنى اذكر {إِذَا السّمَآءُ انشَقّتْ}. وقيل: الجواب محذوف لعلم المخاطبين به¹ أي إذا كانت هذه الأشياء علم المكذّبون بالبعث ضلالتهم وخسرانهم. وقيل: تقدّم منهم سؤال عن وقت القيامة, فقيل لهم: إذا ظهرت أشراطها كانت القيامة, فرأيتم عاقبة تكذيبكم بها. والقرآن كالاَية الواحدة في دلالة البعض على البعض. وعن الحسن: إن قوله {إِذَا السّمَآءُ انشَقّتْ} قسم. والجمهور على خلاف قوله من أنه خبر وليس بقسم.

** قوله تعالى: {يَأَيّهَا الإِنسَانُ إِنّكَ كَادِحٌ إِلَىَ رَبّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ * فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَىَ أَهْلِهِ مَسْرُوراً }.
قوله تعالى: {يَأَيّهَا الإِنسَانُ إِنّكَ كَادِحٌ إِلَىَ رَبّكَ كَدْحاً} المراد بالإنسان الجنس أي يابن آدم. وكذا روي سعيد عن قتادة: يا بن آدم, إن كَدْحَك لضعيف, فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ولا قوّة إلا بالله. وقيل: هو مُعَيّن¹ قال مقاتل: يعني الأسود بن عبد الأسد. ويقال: يعني اُبَيّ بن خَلَف. ويقال: يعني جميع الكفار¹ أيها الكافر إنك كادح. والكدح في كلام العرب: العمل والكسب¹ قال ابن مقبل:
وما الدهُر اِلا تارتانِ فمِنهماأموت واُخرى أبتغِي العيش أكدح

قال آخر:
ومَضَتْ بشاشةُ كل عيشٍ صالِحٍوبَقِيتُ أكدح لِلحياةِ وأنصِب

أي أعمل. وروى الضحاك عن ابن عباس: «اِنك كادِح» أي راجع «اِلى ربك كدحاً أي رجوعاً لا محالة {فَمُلاَقِيهِ} أي مُلاقٍ ربك. وقيل: مُلاقٍ عملك. القتبيّ «اِنك كادح» أي عامل ناصب في معيشتك إلى لقاء ربك. والملاقاة بمعنى اللقاء أي تلقي ربك بعملك. وقيل أي تلاقي كتاب عملك¹ لأن العمل قد انقضى ولهذا قال: «فأما مَنْ اُوتِيِ كِتابه بيمينه».
قوله تعالى: {فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} وهو المؤمن {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً} لا مناقشة فيه. كذا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حوسب يوم القيامة عُذّب» قالت: فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله {فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً} فقال: «ليس ذاكِ الحساب, إنما ذلكِ العَرْضُ, مَنْ نُوقِش الحساب يوم القيامة عذب» أخرجه البخاري ومسلم والترمذيّ. وقال حديث حسن صحيح. {وَيَنقَلِبُ إِلَىَ أَهْلِهِ مَسْرُوراً} أزواجه في الجنة من الحور العين «مسروراً» أي مغتبطاً قرير العين. ويقال إنها نزلت في أبي سلمة بن عبد الأسد, هو أوّل من هاجر من مكة إلى المدينة. وقيل: إلى أهله الذين كانوا له في الدينا, ليخبرهم بخلاصة وسلامته. والأوّل قول قتادة. أي إلى أهله الذين قد أعدّهم الله له في الجنة.

** قوله تعالى: {وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَىَ سَعِيراً * إِنّهُ كَانَ فِيَ أَهْلِهِ مَسْرُوراً * إِنّهُ ظَنّ أَن لّن يَحُورَ * بَلَىَ إِنّ رَبّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً }.
قوله تعالى: {وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ} نزلت في الأسود بن عبد الأسد أخي أبي سلمة¹ قاله ابن عباس. ثم هي عامة في كل مؤمن وكافر. قال ابن عباس: يمدّ يده اليمنى ليأخذ كتابه فيجذبه مَلَك, فيخلع يمينه, فيأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره. وقال قتادة ومقاتل: يفك ألواح صدره وعظامه ثم تدخل يده وتخرج من ظهره, فيأخذ كتابه كذلك. {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً} أي بالهلاك فيقول: يا ويلاه, يا ثبوراه. {وَيَصْلَىَ سَعِيراً} أي ويدخل النار حتى يصلى بحرّها. وقرأ الحِرْميان وابن عامر والكسائي «ويُصْلَى» بضم الياء وفتح الصاد, وتشديد اللام¹ كقوله تعالى: {ثُمّ الْجَحِيمَ صَلّوهُ} (الحاقة: 31) وقوله: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} (الواقعة: 94). الباقون «ويَصْلَى» بفتح الياء مخففاً, فعل لازم غير متعد¹ لقوله: «اِلا من هو صالِ الجحِيم» وقوله: {يَصْلَى النّارَ الْكُبْرَىَ} (الأعلى: 12) وقوله: {ثُمّ إِنّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} (المطففين: 16). وقراءة ثالثة رواها أبان عن عاصم وخارجة عن نافع وإسمعيل المكي عن ابن كثير «ويُصْلَى» بضم الياء وإسكان الصاد وفتح اللام مخففاً¹ كما قريء «وسَيُصْلَون» بضم الياء, وكذلك في «الغاشية» قد قريء أيضاً: «تُصْلَي ناراً» وهما لغتان صلى وأصلى¹ كقوله: «نزل. وأنزل» {إِنّهُ كَانَ فِيَ أَهْلِهِ} أي في الدنيا {مَسْرُوراً} قال ابن زيد: وصف الله أهل الجنة بالمخافة والحزن والبكاء والشفقة في الدنيا, فأعقبهم به النعيم والسرور في الاَخرة, وقرأ قول الله تعالى: {إِنّا كُنّا قَبْلُ فِيَ أَهْلِنَا} {فَمَنّ اللّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السّمُومِ} (الطور: 26). قال: ووصف أهل النار بالسرور في الدنيا والضحِك فيها والتفكه. فقال: {إِنّهُ كَانَ فِيَ أَهْلِهِ مَسْرُوراً}. {إِنّهُ ظَنّ أَن لّن يَحُورَ} أي لن يرجع حياً مبعوثاً فيحاسب, ثم يثاب أو يعاقب. يقال: حار يحور إذا رجع¹ قال لبيد:
وما المرء اِلا كالشهابِ وضوئِهِيحورُ رَماداً بعد اِذا هو ساطِعُ
وقال عِكرمة وداود بن أبي هند, يحور كلمة بالحبشية, ومعناها يرجع. ويجور أن تتفق الكلمتان فإنهما كلمة اشتقاق¹ ومنه الخبز الحُوارَي¹ لأنه يرجع إلى البياض. وقال ابن عباس: ما كنت أدري: ما يحور؟ حتى سمعت أعرابية تدعو بنية لها: حُورى, أي ارجَعي إليّ, فالحَوْر في كلام العرب الرجوع¹ ومنه قوله عليه السلام: «اللهم إني أعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْر» يعني: من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة, وكذلك الحُور بالضم. وفي المثل «حُورٌ في محارة» أي نقصان في نقصان. يضرب للرجل إذا كان أمره يُدْبِر¹ قال الشاعر:
واستعجلوا عن خفِيف المضغِ فازدردُواوالذم يبقَى وزاد القومِ في حُوْرِ
والحُورْ أيضاً: الاسم من قولك: طحَنَتِ الطاحنة فما أحارت شيئاً¹ أي ما ردت شيئاً من الدقيق. والحُورْ أيضاً: الهلكة¹ قال الراجز:
* فـي بِئرِ لا حُورٍ سَرَى ولا شَعَر * قال أبو عبيدة: أي بئر حُورِ, و «لا» زائدة. وروي «بعد الكون» ومعناه من انتشار الأمر بعد تمامه. وسئِل معمر عن الحَوْر بعد الكون, فقال: هو الكُنْتِيّ. فقال له عبد الرزاق: وما الكُنْتِيّ؟ فقال: الرجل يكون صالحاً ثم يتحول رجل سَوْء. قال أبو عمرو: يقال للرجل إذا شاخ: كنتِيّ, كأنه نسب إلى قوله: كنت في شبابي كذا. قال:
فأصبحت كُنتِيا وأصبحت عاجِناوشر خِصالِ المرءِ كُنْتُ وعاجِنُ
عجن الرجل: إذا نهض معتمداً على الأرض من الكبر. وقال ابن الأعرابي: الكنتِيّ: هو الذي يقول: كنت شاباً, وكنت شجاعاً, والكانِيّ هو الذي يقول: كان لي مال وكنت أهب, وكان لي خيل وكنت أركب.
قوله تعالى: {بَلَىَ} أي ليس الأمر كما ظنّ, بل يحور إلينا ويرجع. {إِنّ رَبّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} قبل أن يخلقه, عالماً بأن مرجعه إليه. وقيل: بلَى ليَحُورنّ وليرجعَنّ. ثم استأنف فقال: «إن ربه كان بِهِ بِصيرا» من يوم خلقه إلى أن بعثه. وقيل: عالماً بما سبق له من الشقاء والسعادة.

** قوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالشّفَقِ * وَاللّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتّسَقَ * لَتَرْكَبُنّ طَبَقاً عَن طَبقٍ * فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ }.
قوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ} أي فأقسم و «لا» صلة. {بِالشّفَقِ} أي بالحمرة التي تكون عند مغيب الشمس حتى تأتي صلاة العشاء الاَخرة. قال أشهب وعبد الله بن الحكم ويحيى بن يحيى وغيرهم, كثير عددهم, عن مالك: الشّفَق الحمرة التي في المغرب, فإذا اذهبت الحمرة فقد خرجتُ من وقت المغرب ووجبتْ صلاة العشاء. وروي ابن وهب قال: أخبرني غير واحد عن عليّ بن أبي طالب ومُعاذ بن جبل وعُبادة بن الصامت وشدّاد بن أوس وأبي هريرة: أن الشفَق الحمرة, وبه قال مالك بن أنس. وذكر غير ابن وهب من الصحابة: عمر وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأنَساً وأبا قتادة وجابر بن عبد الله وابن الزبير, ومن التابعين: سعيد بن جبير, وابن المسيب وطاوس, وعبد الله بن دينار, والزهريّ, وقال به من الفقهاء الأوزاعيّ ومالك والشافعي وأبو يوسف وأبو ثور وأبو عبيد وأحمد وإسحاق. وقيل: هو البياض¹ رُوي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة أيضاً وعمر بن عبد العزيز والأوزاعيّ وأبي حنيفة في إحدى الروايتين عنه. وروي أسد بن عمرو أنه رجع عنه. ورُوِي عن ابن عمر أيضاًأنه البياض والاختيار الأوّل¹ لأن أكثر الصحابة والتابعين والفقهاء عليه¹ ولأن شواهد كلام العرب والاشتقاق والسنة تشهد له. قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول لثوب عليه مصبوغ: كأنه الشفق وكان أحمر, فهذا شاهد للحمرة¹ وقال الشاعر:
* وأحمر اللون كمحمرّ الشفق * وقال آخر:
قم يا غلام أعِني غير مرتبكٍعلى الزمانِ بِكأسِ حَشْوُها شَفَقُ

ويقال للمَغْرة الشفق. وفي الصحاح: الشفق بقية ضوء الشمس وحمرتها في أوّل الليل إلى قريب من العَتَمة. قال الخليل: الشفق: الحمرة, من غروب الشمس إلى وقت العشاء الاَخرة, إذا ذهب قيل: غاب الشفق. ثم قيل: أصل الكلمة من رقة الشيء¹ يقال: شيء شَفِق أي لا تماسك له لرقته. وأشفق عليه: أي رق قلبه عليه, والشفقة: الاسم من الإشفاق, وهو رِقة القلب, وكذلك الشّفَق¹ قال الشاعر:
تهوَي حَياتِي وأهوى موتها شَفَقاًوالموتُ أكرم نَزّالٍ على الحُرَمِ

فالشفَق: بقية ضوء الشمس وحمرتها فكأن تلك الرّقة عن ضوء الشمس. وزعم الحكماء أن البياض لا يغيب أصلاً. وقال الخليل: صعدت منارة الإسكندرية فرمقت البياض, فرأيته يتردّد من أفق إلى أفق ولم أره يغيب. وقال ابن أبي أويس: رأيته يتمادى إلى طلوع الفجر قال علماؤنا: فلما لم يتحدد وقته سقط اعتباره. وفي سُنَن أبي داود عن النعمان بن بَشير قال: أنا أعلمكم بوقت صلاة العشاء الاَخرة¹ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة. وهذا تحديد, ثم الحكم معلق بأوّل الاسم. لا يقال: فينقض عليكم بالفجر الأوّل, فإنا نقول الفجر الأوّل لا يتعلق به حكم من صلاة ولا إمساك¹ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين الفجر بقوله وفعله فقال: «وليس الفجر أن تقول هكذا ـ فرفع يده إلى فوق ـ ولكن الفجر أن تقول هكذا وبسطها» وقد مضى بيانه في آية الصيام من سورة «البقرة», فلا معنى للإعادة. وقال مجاهد: الشفق: النهار كله ألا تراه قال «والليلِ وما وَسَق». وقال عِكرمة: ما بقي من النهار. والشفق أيضاً: الرديء من الأشياء¹ يقال: عطاء مُشفّق أي مقلل قال الكُميت:
ملكَ أغَر مِن الملوك تحلّبَتْللسائلين يداه غيرَ مُشفّقِ

قوله تعالى: {وَاللّيْلِ وَمَا وَسَقَ} أي جمع وضم ولف, وأصله من سَوْرة السلطان وغضبه¹ فلولا أنه خرج إلى العباد من باب الرحمة ما تمالك العباد لمجيئه, ولكن خرج من باب الرحمة فمزح بها, فسكن الخلق إليه ثم ابذَعَرّوا والتفّوا وانقبضوا, ورجع كل إلى مأواه فسكن فيه من هَوْلِه وحشا, وهو قوله تعالى: {وَمِن رّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} (القصص: 73) أي بالليل {وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} (القصص: 73) أي بالنهار على ما تقدم. فالليل يجمع ويضم ما كان منتشراً بالنهار في تَصَرّفه. هذا معنى قول ابن عباس ومجاهد ومقاتل وغيرهم¹ قال ضابيء ابن الحارث البرجُمِيّ:
فإني واِياكُمْ وشوقاً اِليكُمْكقابِضِ ماءٍ لم تَسِقْه أناملُهْ

يقول: ليس في يدهِ من ذلك شيء كما أنه ليس في يد القابض على الماء شيء¹ فإذا جلل الليل الجبال والأشجار والبحار والأرض فاجتمعت له, فقد وَسَقَها. والوسْق: ضمك الشيء بعضه إلى بعض, تقول: وَسَقْتُه أسِقُه وَسْقاً. ومنه قيل للطعام الكثير المجتمع: وَسْقٌ, وهو ستون صاعاً. وطعام مُوسَق: أي مجموع, وإبل مُسْتَوْسِقة أي مجتمعة¹ قال الراجز:
إنّ لَنَا قِلائِصاً حقائِقاًمُسْتَوْسقاتٍ لو يَجِدْنَ سائِقاً

وقال عِكرمة: «وما وَسَق» أي وما ساق من شيء إلى حيث يأوِي, فالوَسْق بمعنى الطْرد, ومنه قيل للطريدة من الإبل والغنم والحمر: وسِيقة, قال الشاعر:
* كما قافَ آثارَ الوسِيقةِ قائِفُ * وعن ابن عباس: «وما وَسَق» أي وما جنّ وستر. وعنه أيضاً: وما حَمَل, وكل شيء حملته فقد وَسَقْته, والعرب تقول: لا أفعله ما وَسَقَتْ عيني الماء, أي حملته. ووسَقَت الناقةُ تَسِق وَسْقاً: أي حملت وأغلقت رحمها على الماء, فهي ناقة واسق, ونوق وِسَاق مثلَ نائِم ونيام, وصاحِب وصحِاب, قال بشر بن أبي خازم:
ألَظّ بِهِن يحدوهُنّ حتىتبينتِ الحِيالُ مِن الوِساقِ

ومَواسيق أيضاً. وأوسقت البعير: حَمّلتة حملَه, وأوسَقَتِ النخلة: كثر حملها. وقال بمان الضحاك ومقاتل بن سليمان: حمل من الظلمة. قال مقاتل: أو حمل من الكواكب. القشيريّ: ومعنى حَمَل: ضم وجمع, والليل يجلل بظلمته كل شيء فإذا جللها فقد وسقها. ويكون هذا القَسَم قسماً بجميع المخلوقات, لاشتمال الليل عليها, كقوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ }. وقال ابن جُبير: «وما وَسَق» أي وما عمل فيه, يعني التهجد والاستغفار بالأسحار, قال الشاعر:
ويوماً ترانا صالحين وتارةًتقومُ بِنا كالواسِق المتلَبّب
أي كالعامل.
قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتّسَقَ} أي تم وأجتمع واستوى. قال الحسن: اتسق: أي امتلأ واجتمع. ابن عباس: استوى. قتادة: استدار. الفراء: اتساقه: امتلاؤه واستواؤه ليالِيَ البدر, وهو افتعال من لوسْق الذي هو الجمع, يقال: وسقته فاتسق, كما يقال: وصلته فاتصل, ويقال: أمر فلان مُتّسِق: أي مجتمع على الصلاح منتظم. ويقال: اتسق الشيء: إذا تتابع: {لَتَرْكَبُنّ طَبَقاً عَن طَبقٍ} قرأ أبو عمر وابن مسعود وابن عباس وأبو العالية ومسروق وأبو وائل ومجاهد والنخَعيّ والشعبيّ وابن كثير وحمزة الكسائي «لَتَرَكَبَنّ» بفتح الباء خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم, أي لتركَبنّ يا محمد حالاً بعد حال, قاله ابن عباس. الشعبي: لتركَبَنّ يا محمد سماء بعد سماء, ودرجة بعد درجة, ورُتبه بعد رتبة, في القربة من الله تعالى. ابن مسعود: لتركَبن السماء حالاً بعد حال, يعني حالاتها التي وصفها الله تعالى بها من الانِشقاق والطيّ وكونها مرة كالمُهلِ ومرة كالدّهانِ. وعن إبراهيم عن عبد الأعلى: «طبقاً عن طبقٍ» قال: السماء تَقَلّبُ حالاً بعد حال. قال: تكون وردة كالدهان, وتكون كالمهل¹ وقيل: أي لتركَبَن أيها الإنسان حالاً بعد حال, من كونك نطفة ثم علقه ثم مضغة ثم حياً وميتاً وغنياً وفقيراً. فالخطاب للإنسان المذكور في قوله: {يَأَيّهَا الإِنسَانُ إِنّكَ كَادِحٌ} هو اسم للجنس, ومعناه الناس. وقرأ الباقون «لتركَبُنّ» بضم الباء, خطاباً للناس, واختاره أبو عُبيد وأبو حاتم, قال: لأن المعنى بالناس أشبه منه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم, لما ذكر قبل هذه الاَية فمن أوتي كتابه بيمينه ومن أوتي كتابه بشماله. أي لتركبن حالاً بعد حال من شدائد القيامة, أو لتركَبُن سُنّة من كان قبلكم في التكذيب واختلاق على الأنبياء.
قلت: وكله مراد, وقد جاءت بذلك أحاديث, فروي أبو نعيم الحافظ عن جعفر بن محمد بن علي عن جابر رضي الله عنه, قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن ابن آدم لفي غفلة عما خلقه الله عز وجل¹ إن الله لا إله غيره إذا أراد خَلْقه قال للملك أكتب رزقه وأثره وأجهل, وأكتب شقياً أو سعيداً, ثم يرتفع ذلك الملك, ويبعث الله ملكاً آخر فيحفظه حتى يدرك, ثم يبعث الله ملكين يكتبان حسناته وسيئاته, فإذا جاءه الموت ارتفع ذانك الملكان, ثم جاءه ملك الموت عليه السلام فيقبض روحه, فإذا أدخِل حفرته رُدّ الروح في جسده, ثم يرتفع ملك الموت, ثم جاءه ملكا, القبر فامتحناه, ثم يرتفعان, فإذا قامت الساعة انحط عليه ملك الحسنات وملك السيئات, فأنشطا كتاباً معقوداً في عنقه, ثم حضرا معه, واحد سائق والاَخر شهيد» ثم قال الله عز وجل «لقد كنت فيِ غفلة مِن هذا فكشفنا عنك غِطاءك, فبصرك اليوم حَدِيد» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لَتَرْكَبُنّ طَبَقاً عَن طَبقٍ} قال: «حالاً بعد حال» ثم قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إن قُدّامَكُمْ أمراً عظيماً فاستعينوا بالله العظيم» فقد اشتمل هذا الحديث على أحوال تعتري الإنسان, من حين يُخْلق إلى حين يُبعث, وكله شدّة بعد شدة, حياة ثم موت, ثم بعث ثم جزاء, وفي كل حال من هذه شدائد. وقال صلى الله عليه وسلم: «لتركبُن سَنَن من قبلكم شبراً بشبراً, وذراعاً بذارع, حتى لو دخلوا حُجر ضَبّ لدخلتموه» قالوا: يا رسول الله, اليهود والنصارى؟ قال: «فَمَنْ»؟ خرجه البخاريّ: وأما أقوال المفسرين, فقال عكرمة: حالاً بعد حال, فطيما بعد رضيع, وشيخاً بعد شَباب, قال الشاعر:
كذلِك المرءُ اِن يُنْسَاْلَهُ أجلٌيَرْكَب على طَبقٍ مِن بعدِهِ طَبَقُ

وعن مكحول: كلّ عشرين عاماً تجدون أمراً لم تكونوا عليه: وقال الحسن: أمراً بعد أمر, رخَاء بعد شدّة, وشدّة بعد رَخاء, وغنًى بعد فقر, وفقراً بعد غنًى, وصحة بعد سُقْم, وسقماً بعد صحة: سعيد بن جبير: منزلة بعد منزلة, قوم كانوا في الدنيا متضعين فارتفعوا في الاَخرة, وقوم كانوا في الدنيا مرتفعين فاتضعوا في الاَخرة: وقيل: منزلة عن منزلة, وطبَقاً عن طبق, وذلك أن من كان على صلاح دعاه إلى صلاح فوقه, ومن كان على فساد دعاه إلى فساد فوقه, لأن كل شيء يجري إلى شكله: ابن زيد: ولتصيرُن من طَبَق الدنيا إلى طَبَق الاَخرة: وقال ابن عباس: الشدائد والأهوال: الموت, ثم البعث, ثم العَرْض, والعرب تقول لمن وقع في أمر شديد: وقَع في بَناتِ طَبَق, وإحدى بنات طَبَق, ومنه قيل للداهية الشديدة: أم طَبَق, وإحدى بناتِ طَبَق: وأصلها من الحَيّات, إذ يقُال للحية أم طَبَق لتحوّيها: والطبق في اللغة: الحال كما وصفنا, قال الأقرع بن حابس التميميّ:
إني امرؤ قد حَلَبْتُ الدهرَ أشْطُرَهُوساقني طَبَقٌ منه إلى طَبَقِ

وهذا أدل دليل على حدوث العالم, وإثبات الصانع, قالت الحكماء: من كان اليوم على حالة, وغداً على حالة أخرى فليعلم أن تدييره إلى سواه: وقيل لأبي بكر الورّاق: ما الدليل على أن لهذا العالم صانعاً؟ فقال: تحويل الحالات, وعجز القوة, وضعف الأركان, وقهر النية: ونسخ العزيمة: ويقال: أتانا طَبَقٌ من الناس وطبق من الجراد: أي جماعة: وقول العباس في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
تَنْقُل مِن صالبٍ إلى رَحِمٍاِذا مضَى عالَمٌ بدا طَبَقُ

أي قرن من الناس. يكون طباقَ الأرض أي ملأها. والطّبَق أيضاً: عظم رقيق يفصل بين الفَقارين. ويقال: مضى طبق من الليل, وطَبَق من النهار: أي معظم منه. والطبق: واحد الأطباق, فهو مشترك. وقريء «لتركبِن» بكسر الباء, على خطاب النفس و «لَيَرْكَبَن» بالياء على ليركبن الإنسان. و «عن طبقٍ» في محل نصب على أنه صفة لـ «ـطبقاً» أي طبقاً مجاوزاً لطبق. أو حال من الضمير في «لتركبن» أي لتركبن طبقاً مجاوِرِين لطبق, أو مجاوزاً أو مجاوزة على حسب القراءة.
قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} يعني أي شيء يمنعهم من الإيمان بعد ما وضحت لهم الاَيات وقامت الدلالات. وهذا استفهام إنكار. وقيل: تعجب أي اعجبوا منهم في ترك الإيمان مع هذه الاَيات.
قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ} أي لا يُصَلّون. وفي الصحيح: إن أبا هريرة قرأ {إِذَا السّمَآءُ انشَقّتْ} فسجد فيها, فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها. وقد قال مالك: إنها ليست من عزائم السجود¹ لأن (المعنى) لا يُذْعِنون ولا يطيعون في العمل بواجباته. ابن العربي: والصحيح أنها منه, وهي رواية المَدَنيين عنه, وقد اعتضد فيها القرآن والسنة. قال ابن العربيّ: لما أمَمْت بالناس تركت قراءتها¹ لأني إن سجدت أنكروه, واِن تركتها كان تقصيراً مني, فاجتنبتها إلا إذا صليت وحدي. وهذا تحقيق وعدِ الصادق بأن يكون المعروف منكراً, والمنكر معروفاً¹ وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة: «لولا حِدْثان قومِك بالكفر لهدمتُ البيت, ولرددته على قواعد إبراهيم». ولقد كان شيخنا أبو بكر الفِهْريّ يرفع يديه عند الركوع, وعند الرفع منه, وهو مذهب مالك والشافعي ويفعله الشّيعة, فحضر عندي يوماً في مَحْرَس ابن الشّواء بالثغر ـ موضع تدريسي ـ عند صلاة الظهر, ودخل المسجد من المَحْرس المذكور, فتقدم إلى الصف وأنا في مؤخره قاعداً على طاقات البحر, أتنسم الريح من شدة الحر, ومعي في صف واحد أبو ثمنة رئيس البحر وقائده, مع نفر من أصحابه ينتظر الصلاة, ويتطلع على مراكب تَخْت المِيناء, فلما رفع الشيخ يديه في الركوع وفي رفع الرأس منه قال أبو ثمنة وأصحابه: ألا ترون إلى هذا المشرقيّ كيف دخل مسجدنا؟ فقوموا إليه فاقتلوه وارموا به إلى البحر, فلا يراكم أحد. فطار قلبي من بين جوانحي وقلت: سبحان الله هذا الطّرطُوشيّ فقيه الوقت. فقالوا لي: ولَم يرفع يديه؟ فقلت: كذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل, وهذا مذهب مالك, في رواية أهل المدينة عنه. وجعلت أسكنهم وأسكتهم حتى فرغ من صلاته, وقمت معه إلى المسكَن من المحرس, ورأى تغير وجهي, فأنكره, وسألني فأعلمته, فضحك وقال: ومن أين لي أن اُقتل على سنةٍ؟ فقلت له: ولا يحل لك هذا, فإنك بين قوم إن قمت بها قاموا عليك وربما ذهب دمك. فقال: دع هذا الكلام, وخذ في غيره.

** قوله تعالى: {بَلِ الّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذّبُونَ * وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }.
قوله تعالى: {بَلِ الّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذّبُونَ} محمداً صلى الله عليه وسلم وما جاء به. وقال مقاتل: نزلتْ في بني عمرو بن عُمَير وكانوا أربعة, فأسلم اثنان منهم. وقيل: هي في جميع الكفار. {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} أي بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب. كذا رَوي الضحاك عن ابن عباس. وقال مجاهد: يكتمُون من أفعالهم. ابن زيد: يجمعون من الأعمال الصالحة والسيئة¹ مأخوذ من الوِعاء الذي يَجْمع ما فيه¹ يقال: أوعيت الزاد والمتاع: إذا جعلته في الوِعاء¹ قال الشاعر:
الخير أبقى واِن طال الزمانُ بِهِوالشرّ أخبث ما أوعيت مِن زادِ

ووعاه أي حفظه¹ تقول: وَعَيْتُ الحديث أعِيهِ وَعياً, وأذُنٌ واعِية. وقد تقدم. {فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} أي مُوجع في جهنم على تكذيبهم. أي اجعل ذلك بمنزلة البشارة.{إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ} استثناء منقطع, كأنه قال: لكن الذين صَدّقوا بشهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله, وعملوا الصالحات, أي أدّوا الفرائض المفروضة عليهم {لَهُمْ أَجْرٌ} أي ثواب {غَيْرُ مَمْنُونٍ} أي غير منقوص ولا مقطوع¹ يقال: مَنَنْتُ الحبل: إذا قطعته. وقد تقدم. وسأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله «لهم أجر غير ممنونٍ» فقال: غير مقطوع. فقال: هل تعرف ذلك العرب؟ قال: نعم قد عرفه أخو يُشْكُرَ حيث يقول:
فترى خَلْفَهُنّ مِن سُرْعةِ الرجْــعِ مَنيِناً كأنّهُ أهباءُ

قال المبرد: المنين: الغبار¹ لأنها تقطعه وراءها. وكل ضعيف منين وممنون. وقيل: {غَيْرُ مَمْنُونٍ} لا يُمنّ عليهم به. وذكر ناس من أهل العلم أن قوله «اِلا الذِين آمنوا وعمِلوا الصالِحاتِ» ليس استثناء, وإنما هو بمعنى الواو, كأنه قال: والذين آمنوا. وقد مضى في «البقرة» القول فيه والحمد لله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://apowesam.yoo7.com
 
تفسير سوره الانشقاق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابــــــــــو وســــــــــــــــــــــام :: الفئة الأولى :: فى رحاب القرءان-
انتقل الى: