apowesam Admin
عدد المساهمات : 576 تاريخ التسجيل : 21/02/2010
| موضوع: تفسير سوره القارعه الأربعاء فبراير 24, 2010 11:37 pm | |
| سورة «القارعة» تفسير سورة «القارعة» وهي مكية بإجماع. وهي عشر آيات بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ
** قوله تعالى: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ }. قوله تعالى: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ } أي القيامة والساعة¹ كذا قال عامة المفسرين. وذلك أنها تقرع الخلائق بأهوالها وأفزاعها. وأهل اللغة يقولون: تقول العرب قَرَعَتْهُمُ القارعة, وفَقَرَتْهُمُ الفاقِرة¹ إذا وقع بهم أمر فظيع. قال ابن أحمر: وقارعةٍ مِن الأيام لَوْلاَ سبيلهم لزاحت عنك حِينا
وقال آخر: مَتَى تَقْرَعْ بمَرْوتِكُم نَسُوْكُمْو لم تُوقَدْ لَنَا في القِدْرِ نَارُ
وقال تعالى: {وَلاَ يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ} (الرعد: 31) وهي الشديدة من شدائد الدهر. قوله تعالى: {مَا الْقَارِعَةُ } استفهام¹ أي أيّ شيء هي القارعة؟ وكذا {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ } كلمة استفهام على جهة التعظيم والتفخيم لشأنها¹ كما قال: {الْحَاقّةُ * مَا الْحَآقّةُ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحَاقّةُ } (الحاقة: 1 ـ 3) على ما تقدّم.
** قوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ }. «يوم» منصوب على الظرف, تقديره: تكون القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث. قال قتادة: الفراش الطير الذي يتساقط في النار والسراج. الواحدة فراشة, وقاله أبو عبيدة. وقال الفراء: إنه الهَمَج الطائر, من بَعوض وغيره¹ ومنه الجراد. ويقال: هو أطيش من فراشة. وقال: طُوَيّشٌ منْ نفرٍ أطْياشِأطيشُ من طائرة الفَراشِ وقال آخر: وقدْ كانَ أقوامٌ رددتَ قُلُوبَهُمْإليهم وكانوا كالفراشِ من الجَهْلِ وفي صحيح مسلم عن جابر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثَلُكُمْ كمثل رجل أوقد ناراً, فجعل الجنادِبُ والفَراشُ يَقَعْن فيها, وهو يذُبّهنّ عنها, وأنا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عن النار, وأنتمْ تُفْلِتونَ مِنْ يديِ». وفي الباب عن أبي هريرة. والمبثوث المتفرق. وقال في موضع آخر: {كَأَنّهُمْ جَرَادٌ مّنتَشِرٌ} (القمر: 7). فأوّل حالهم كالفَراش لا وجه له, يَتَحيّرُ في كل وجه, ثم يكونون كالجراد, لأن لها وجهاً تقصده. والمبثوث: المتفرق المنتشر. وإنما ذكر على اللفظ: كقوله تعالى: {أَعْجَازُ نَخْلٍ مّنقَعِرٍ} (القمر: 20)ولو قال المبثوثة (فهو) كقوله تعالى: {أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} (الحاقة: 5). وقال ابن عباس والفراء: «كالفراشِ المبثوثِ» كغَوغاء الجراد, يركب بعضها بعضاً. كذلك الناس, يجول بعضهم في بعض إذا بعثوا.
** قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ }. أي الصوف الذي يُنْفش باليد, أي تصير هباء وتزول¹ كما قال جل ثناؤه في موضع آخر: {هَبَآءً مّنبَثّاً} (الواقعة: 6). وأهل اللغة يقولون: العِهن الصوف المصبوغ. وقد مضى في سورة {سَأَلَ سَآئِلٌ} (المعارج: 1).
** قوله تعالى: {فَأَمّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رّاضِيَةٍ * وَأَمّا مَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ }. قد تقدم القول في المِيزان في «الأعراف والكهف والأنبياء». وأن له كِفّةً ولساناً توزن فيه الصحف المكتوب فيها الحسنات والسيئات. ثم قيل: إنه ميزان واحد بيد جبريل يزِن أعمال بني آدم, فعبّر عنه بلفظ الجمع. وقيل: موازين, كما قال: فلِـكـلّ حـادِثـةٍ لَـهَـا مِـيـزانُ وقد ذكرناه فيما تقدم. وذكرناه أيضاً في كتاب «التذكِرة» وقيل: إن الموازين الحُجَج والدلائل, قاله عبد العزيز بن يحيـى, واستشهد بقول الشاعر: قَد كُنتُ قبلَ لقائكم ذا مِرّةٍعِندِي لكُلّ مخاصِمٍ مِيزانُهُ ومعنى {عِيشَةٍ رّاضِيَةٍ} أي عيش مَرْضيّ, يرضاه صاحبه. وقيل: {عِيشَةٍ رّاضِيَةٍ} أي فاعلة للرضا, وهو اللين والانقياد لأهلها. فالفعل للعيشة لأنها أعطت الرضا من نفسها, وهو اللين والانقياد. فالعيشة كلمة تجمع النّعَم التي في الجنة, فهي فاعلة للرضا, كالفُرُش المرفوعة, وارتفاعها مقدار مائة عام, فإذا دنا منها ولِي الله اتضعت حتى يستوي عليها, ثم ترتفع كهيئتها, ومثل الشجرة فرعها, كذلك أيضاً من الارتفاع, فإذا اشتهى ولِيّ الله ثمرتها تدلت إليه, حتى يتناولها ولِيّ الله قاعداً وقائماً, وذلك قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} (الحاقة: 23). وحيثما مشى أو ينتقل من مكان إلى مكان, جرى معه نهر حيث شاء, عُلُوّا وسُفْلاً, وذلك قوله تعالى: {يُفَجّرُونَهَا تَفْجِيراً} (الإنسان: 6). فيروى في الخبر انه يشير بقضيبه فيجري من غير أخدود حيث شاء من قصوره وفي مجالسه. فهذه الأشياء كلها عيشة قد أعطت الرضا من نفسها, فهي فاعلة للرضا, وهي انذلت وانقادت بذْلاً وسماحة. ومعنى {فَأُمّهُ هَاوِيَةٌ} يعني جَهَنّم. وسماها اُمّا, لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه, قاله ابن زيد. ومنه قول أمية بن أبي الصّلْت: فالأرضُ مَعْقِلنا وكانتْ اُمّنافيها مَقابرُنا وفيها نُولَدُ وسميت النار هاوية, لأنه يهوِي فيها مع بعدِ قعرها. ويروى أن الهاوية اسم الباب الأسفل من النار. وقال قتادة: معنى «فأمه هاوِية» فمصيره إلى النار. عكرمة: لأنه يهوي فيها على أم رأسه. الأخفش: «أمه»: مستقرّه, والمعنى متقارب. وقال الشاعر: يا عمرُو لو نالتك أرماحُناكنتَ كمن تهوِي به الهاوِيَهْ والهاوية: المَهْوَاة. وتقول: هَوَتْ أمّه, فهي هاوية, أي ثاكلة, قال كعب بن سعد الغَنَوِيّ: هَوَتْ اُمّه ما يبعثُ الصبحُ غادياوماذا يؤدّي الليلُ حين يَوُوبُ والمَهْوَى والْمَهْواة: ما بين الجبلين, ونحو ذلك. وتهاوى القوم في المَهْواة: إذا سقط بعضهم في إثر بعض. {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } الأصل «ماهي» فدخلت الهاء للسكت. وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وابن مُحيصِن «ماهِيَ نارٌ» بغير هاء في الوصل, ووقفوا بها. وقد مضى في سورة «الحاقة» بيانه. {نَارٌ حَامِيَةٌ } أي شديدة الحرارة. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «نارُكم هذه التي يُوقِد ابنُ آدم جزء من سبعين جزءاً من حرّ جهنم» قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله. قال: «فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً, كلها مثل حرّها». وروي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: إنما ثقل ميزان من ثقل ميزانه, لأنه وضع فيه الحق, وحُقّ لميزان فيه الحق أن يكون ثقيلاً. وإنما خف ميزان من خف ميزانه, لأنّه وضع فيه الباطل, وحق لميزان يكون فيه الباطل أن يكون خفيفاً. وفي الخبر عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن الموتى يَسألون الرجل يأتيهم عن رجل مات قبله, فيقول ذلك مات قبلي, أما مرّ بكم؟ فيقولون لا والله, فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون! ذُهِب به إلى أمه الهاوية, فبئست الأمّ, وبئست المُرَبية». وقد ذكرناه بكماله في كتاب «التذكرة», والحمد لله
| |
|