apowesam Admin
عدد المساهمات : 576 تاريخ التسجيل : 21/02/2010
| موضوع: تفسير سوره المطففين الخميس فبراير 25, 2010 12:43 am | |
| سورة المطففين ** سورة المطففين مكية في قول ابن مسعود والضحاك ومقاتل. ومدنية في قولالحسن وعكرمة. وهي ست وثلاثون آية قال مقاتل: وهي أوّل سورة نزلت بالمدينة. وقال ابن عباس وقتادة: مدنية إلا ثمان آيات من قوله: {إِنّ الّذِينَ أَجْرَمُواْ} إلى آخرها, مكي. وقال الكلبيّ وجابر بن زيد: نزلت بين مكة والمدينة. بِسم الله الرّحمَن الرّحيم
** قوله تعالى: وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ * الّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ }. فيه أربع مسائل: الأولى ـ روَى النّسائي عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا, فأنزل الله تعالى: {وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ}, فأحسنوا الكيل بعد ذلك. قال الفراء: فهم من أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا. وعن ابن عباس أيضاً قال: هي: أوّل سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة نزل المدينة, وكان هذا فيهم¹ كانوا إذا اشتَروا استوْفَوا بكيل راجح, فإذا باعوا بَخَسوا المكيال والميزان, فلما نزلت هذه السورة انتهوا, فهم أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا. وقال قوم: نزلت في رجل يعرف بأبي جهينة, واسمه عمرو¹ كان له صاعان يأخذ بأحدهما, ويعطي بالاَخر¹ قاله أبو هريرة رضي الله عنه. الثانية ـ قوله تعالى: {وَيْلٌ} أي شدة عذاب في الاَخرة. وقال ابن عباس: إنه وادٍ في جهنم يسيل فيه صَديد أهل النار, فهو قول تعالى: {وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ} أي الذين يَنْقصون مكاييلهم وموازينهم. ورُوِي عن ابن عمر قال: المطفّف: الرجل يستأجر المكيال وهو يعلم أنه يَحِيف في كيله فوزره عليه. وقال آخرون: التطفيف في الكيل والوزن والوضوء والصلاة والحديث. وفي الموطّأ قال مالك: ويقال لكل شيء وفاءٌ وتطفيف. وروي عن سالم بن أبي الجعْد قال: الصلاة بمكيال, فمن أوفَى له ومن طَفّف فقد علمتم ما قال الله عز وجل في ذلك: «ويل للِمطففِين». الثالثة ـ قال أهل اللغة: المطفّف مأخوذ من الطّفِيف, وهو القليل, والمطفّف هو المقِلّ حق صاحبه بنقصانه عن الحق, في كيل أو وزن. وقال الزجاج: إنما قيل للفاعل من هذا مطفّف¹ لأنه لا يكاد يسرق من المكيال والميزان إلا الشيء الطفيف الخفيف, وإنما أخذ من طَفّ الشيءِ وهو جانبه. وطِفاف المَكّوك وطَفافه بالكسر والفتح: ما ملأ أصباره, وكذلك طَفّ المَكّوكِ وطَففُه¹ وفي الحديث: «كلكم بنو آدم طَفّ الصاعِ لم تملئوه». وهو أن يقرب أن يمتلىء فلا يفعل¹ والمعنى بعضُكم من بعض قريب, فليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى. والطّفاف والطّفافة بالضم: ما فوق المكيالِ. وإناء طُفاف: إذا بلغ المِلء طفافه¹ تقول منه: أطفَفْت. والتطفيف: نقص المِكيال وهو ألا تملأه إلى أصباره, أي جوانبه¹ يقال: أدهقت الكأس إلى أصبارها أي إلى رأسها. وقول ابن عمر حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم سَبْق الخيل: كنت فارساً يومئذ فسبقت الناس حتى طَفّف بي الفَرَس مسجدَ بني زُرَيق, حتى كاد يساوي المسجد. يعني: وثب بي. الرابعة ـ المطفّف: هو الذي يُخْسر في الكيل والوزن, ولا يوفي حَسْب ما بيناه¹ وروي ابن القاسم عن مالك: أنه قرأ {وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ} فقال: لا تُطَفّفْ ولا تَخْلُب, ولكن أرسلْ وصُبّ عليه صَبّاً, حتى إذا استوفى أرسل يدك ولا تُمْسِك. وقال عبد الملك بن الماجشون: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسح الطّفاف, وقال: إن البركة في رأسه. قال: وبلغني أن كيل فرعون كان مسحاً بالحديد. قوله تعالى: {الّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ} قال الفَراء: أي من الناس¹ يقال: اكتلت منك: أي استوفيت منك, ويقال اكتلت ما عليك: أي أخذت ما عليك. وقال الزّجاج: أي إذا اكتالوا من الناس استوفَوا عليهم الكيل¹ والمعنى: الذين إذا استوفوا أخذوا الزيادة, وإذا أوفَوا أو وزنوا لغيرهم نقصوا, فلا يرضَون للناس ما يرضون لأنفسهم. الطبري: «على» بمعنى عند. قوله تعالى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}. فيه مسألتان: الأولى ـ قوله تعالى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وّزَنُوهُمْ}: أي كالوا لهم أو وزنوا لهم فحذفت اللام, فتعدى الفعل فَنَصب¹ ومثله نصحتك ونصحت لك, وأمرتك به وأمرتكه¹ قاله الأخفش والفراء. قال الفراء: وسمعت أعرابية تقول إذا صَدَر الناسُ أتينا التاجرَ فيكيلنا المُدّ والمُدّين إلى الموسم المقبل. وهو من كلام أهل الحجاز ومن جاورهم من قيس. قال الزجاج: لا يجوز الوقف على «كالُوا» و «ووزنوا» حتى تصل به «هُمْ» قال: ومن الناس من يجعلها توكيداً, ويجيز الوقف على «كالُوا» و «وزَنوا» والأوّل الاختيار¹ لأنها حرف واحد. هو قول الكسائيّ. قال أبو عبيد: وكان عيسى بن عمر يجعلها حرفين, ويقف على «كالوا» و «وزنوا» ويبتدىء «هُمْ يجسِرون» قال: وأحسب قراءة حمزة كذلك أيضاً. قال أبو عبيد: والاختيار أن يكونا كلمة واحدة من جهتين: إحداهما: الخطّ¹ وذلك أنهم كتبوهما بغير ألف, ولو كانتا مقطوعتين لكانتا «كالوا» و «وزنوا» بالألف, والأخرى: أنه يقال: كِلْتك ووزنتُك بمعنى كلت لك, ووزنت لك, وهو كلام عربي¹ كما يقال: صِدْتُك وصِدْت لك, وكسبتُك وكسبْتُ لَك, وكذلك شكرتك ونصحتك ونحو ذلك. قوله: {يُخْسِرُونَ}: أي يَنْقُصون¹ والعرب تقول: أخسرت الميزان وخَسَرته. و «هم» في موضع نصب, على قراءة العامة, راجع إلى الناس, تقديره «واِذا كالوا» الناس «أو وزنوهم يُخْسِرون» وفيه وجهان: أحدهما أن يراد كالوا لهم أو وزنوا لهم, فحذف الجار, وأوصل الفعل, كما قال: ولقَدْ جَنَيتُكَ أكْمُؤًا وعساقِلاًولقد نهيتُك عن بنات الأوبرِ أراد: جنيت لك, والوجه الاَخر: أن يكون على حذف المضاف, وإقامة المضاف إليه مُقامه, والمضاف هو المكيل والموزون. وعن ابن عباس رضي الله عنه: إنكم معاشر الأعاجم وَلِيتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم: المِكيالَ والمِيزان. وخَصّ الأعاجم, لأنهم كانوا يجمعون الكيل والوزن جميعاً, وكانا مُفرَقين في الحَرَمين¹ كان أهل مكة يزِنون, وأهل المدينة يكيلون. وعلى القراءة الثانية «هُمْ» في موضع رفع بالابتداء¹ أي وإذا كالوا للناس أو وزنوا لهم فهم يخسرون. ولا يصح¹ لأنه تكون الاُولى مُلغاة, ليس لها خبر, وإنما كانت تستقيم لو كان بعدها: وإذا كالوا هم يَنْقُصون, أو وزنوا هم يُخْسرون. الثانية ـ قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خمس بخمسٍ: ما نقض قوم العهد إلا سَلّط الله عليهم عدوّهم, ولا حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر, وما ظهرت الفاحشة فيهم إلا ظهر فيهم الطاعون, وما طَفّفوا الكيلَ إلا مُنعوا النّبات, وأخذوا بالسنين, ولا منعوا الزكاة إلا حَبَس الله عنهم المَطَر» خرجه أبو بكر البزار بمعناه, ومالك بن أنس أيضاً من حديث ابن عمر. وقد ذكرناه في كتاب التذكرة. وقال مالك بن دينار: دَخَلْت على جارِ لي قد نزل به الموت, فجعل يقول: جَبَلين من نار! جبلين من نار! فقلت: ما تقول؟ أتهجر؟ قال: يا أبا يحيى, كان لي مكيالان, أكيل بأحدهما, وأكتال بالاَخر¹ فقمت فجعلت أضرب أحدهما بالاَخر, حتى كَسَرتهما, فقال: يا أبا يحيى, كلما ضربت أحدهما بالاَخر ازداد عِظَماً, فمات من وجَعه. وقال عكرمة: أشهدُ على كل كَيال أو وزّان أنه في النار. قيل له: فإن ابنك كيال أو وزان. فقال: أشهد أنه في النار. قال الأصمعيّ: وسمعت أعرابية تقول: لا تَلْتَمِس المروءة ممن مروءته في رؤوس المكاييل, ولا ألسنة الموازين. ورُوي ذلك عن عليّ رضي الله عنه, وقال عبدُ خير: مر عليّ رضي الله عنه على رجل وهو يزن الزعفران وقد أرجح, فأكفأ الميزان, ثم قال: أقم الوزن بالقسط¹ ثم أرجح بعد ذلك ما شئت. كأنه أمره بالتسوية أوّلاً ليعتادها, ويُفضل الواجبَ من النفل. وقال نافع: كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول: اتق الله وأوف الكيل والوزن بالقسط, فإن المطففين يوم القيامة يوقفون حتى إن العَرَق ليلُجِمُهم إلى أنصاف آذانهم. وقد رُوِي أن أبا هريرة قدم المدينة وقد خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى خيبر واستخلف على المدينة سِباع بن عُرْفُطة, فقال أبو هريرة: فوجدناه في صلاة الصبح فقرأ في الركعة الأولى «كهيعص» وقرأ في الركعة الثانية «ويل للِمطففِين» قال أبو هريرة: فأقول في صلاتي: ويْل لأبي فلان, كان له مكيالان إذا آكتال اكتال بالوافي, وإذا كال كال بالناقص.
** قوله تعالى: {أَلا يَظُنّ أُوْلَـَئِكَ أَنّهُمْ مّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ }. قوله تعالى: {أَلا يَظُنّ أُوْلَـَئِكَ} إنكار وتعجيب عظيم من حالهم, في الاجتراء على التطفيف, كأنهم لا يُخْطرون التطفيف ببالهم, ولا يُخَمّنون تخميناً {أَنّهُمْ مّبْعُوثُونَ} فمسؤولون عما يفعلون. والظن هنا بمعنى اليقين¹ أي ألا يُوقن أولئك, ولو أيقنوا ما نقصوا في الكيل والوزن. وقيل: الظن بمعنى التردد, أي إن كانوا لا يستيقنون بالبعث, فهلا ظنّوه, حتى يتدبروا ويبحثوا عنه, ويأخذوا بالأحوط {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} شأنه وهو يوم القيامة. قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ} فيه أربع مسائل: الأولى ـ العامل في «يومَ» فعل مضمر, دل عليه «مبعوثون». والمعنى يبعثون «يومَ يقوم الناس لرب العالمين». ويجوز أن يكون بدلاً من يوم في «لِيومٍ عظِيم», وهو مبني. وقيل: هو في موضع خفض¹ لأنه أضيف إلى غير متمكن. وقيل: هو منصوب على الظرف أي في يوم, ويقال: أقم إلى يومَ يخرج فلان, فتنصب يوم, فإن أضافوا إلى الاسم فحينئذ يخفضون ويقولون: أقم إلى يومِ خروج فلان. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير, التقدير: إنهم مبعوثون يوم يقوم الناس لرب العالمين ليوم عظيم. الثانية ـ وعن عبد الملك بن مروان: أن أعرابياً قال له: قد سمعتَ ما قال الله تعالى في المطففين¹ أراد بذلك أن المطففين قد توجه عليهم هذا الوعيد العظيم الذي سمعت به, فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزْن. وفي هذا الإنكارِ والتعجيبِ وكلمةِ الظن, ووصفِ اليوم بالعظيم, وقيامِ الناس فيه لله خاضعين, ووصفِ ذاته برب العالمين, بيان بليغ لِعظم الذنب, وتفاقم الإثم في التطفيف, وفيما كان في مثل حاله من الحيف, وترك القيام بالقسط, والعمل على التسوية والعدل, في كل أخذٍ وإعطاءٍ, بل في كل قول وعمل. الثالثة ـ قرأ ابن عمر: {وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ} حتى بلغ {يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ} فبكى حتى سَقَط, وامتنع من قراءة ما بعده, ثم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول «يومَ يقوم الناس لرب العالمين, في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, فمنهم من يبلغ العَرَق كعبيه, ومنهم من يبلغ ركبتيه, ومنهم من يبلغ حِقْويه, ومنهم من يبلغ صدره, ومنهم من يبلغ أذنيه, حتى إن أحدهم ليغيب في رَشْحه كما يغيب الضّفدع». ورَوي ناس عن ابن عباس قال: يقومون مقدار ثلثمائة سنة. قال: ويهون على المؤمنين قدرُ صلاتهم الفريضة. ورُوي عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقومون ألف عام في الظّلة». ورَوَي مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يوم يقوم الناس لرب العالمين, حتى إن أحدهم ليقوم في رشحه إلى أنصاف أذنيه». وعنه أيضاً عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «يقوم مائة سنة». وقال أبو هريرة قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لبشير الغِفاريّ: «كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلثمائة سنة لرب العالمين, لا يأتيهم فيه خبر, ولا يؤمر فيه بأمر» قال بشير: المستعان الله. قلت: قد ذكرناه مرفوعاً من حديث أبي سعيد الخدريّ عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه لَيُخّفف عن المؤمن, حتى يكون أخفّ عليه من صلاة المكتوبة يصلّيها في الدنيا» في «سأل سائل». وعن ابن عباس: يَهون على المؤمنين قدرُ صلاتهم الفريضة. وقيل: إن ذلك المقام على المؤمن كزوال الشمس¹ والدليل على هذا من الكتاب قوله الحق: {أَلآ إِنّ أَوْلِيَآءَ اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (يونس: 62) ثم وصفهم فقال: {الّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتّقُونَ} (يونس: 63) جعلنا الله منهم بفضله وكرمه وجوده. ومنه آمين. وقيل: المراد بالناس جبريل عليه السلام يقوم لرب العالمين¹ قاله ابن جُبير. وفيه بُعد¹ لما ذكرنا من الأخبار في ذلك, وهي صحيحة ثابتة, وحسُبك بما في صحيح مسلم والبخاريّ والترمذيّ من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. «يوم يقوم الناس لِرب العالمِين» قال: «يقوم أحدهم في رشْحه إلى نصف أذنيه». ثم قيل: هذا القيام يوم يقومون من قبورهم. وقيل: في الاَخرة بحقوق عباده في الدنيا. وقال يزيد الرشك: يقومون بين يديه للقضاء. الرابعة ـ القيام لله رب العالمين سبحانه حَقير بالإضافة إلى عظمته وحقه, فأما قيام الناس بعضهم لبعض فاختلَف فيه الناس¹ فمنهم من أجازه, ومنهم من منعه. وقد رُوي أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قام إلى جعفر بن أبي طالب واعتنقه, وقام طلحة لكعب بن مالك يوم تِيب عليه. وقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار حين طلع عليه سعد بن مُعاذ: «قوموا إلى سيّدكم». وقال أيضاً: «من سره أن يتمثل له الناس قياماً فليتبواْمقعده من النار». وذلك يرجع إلى حال الرجل ونيته, فإن انتظَر ذلك واعتقده لنفسه, فهو ممنوع, وإن كان على طريق البشاشة والوُصلة فإنه جائز, وخاصة عند الأسباب, كالقدوم من السفر ونحوه. وقد مضى في آخر سورة «يوسف» شيء من هذا.
** قوله تعالى: كَلاّ إِنّ كِتَابَ الْفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ * كِتَابٌ مّرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ * الّذِينَ يُكَذّبُونَ بِيَوْمِ الدّينِ * وَمَا يُكَذّبُ بِهِ إِلاّ كُلّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَىَ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ }. قوله تعالى: {كَلاّ إِنّ كِتَابَ الْفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ} قال قوم من أهل العلم بالعربية: {كَلاّ}: ردْع وتنبيه¹ أي ليس الأمر على ما هم عليه من تطفيف الكيل والميزان, أو تكذيب بالاَخرة, فليرتدعوا عن ذلك. فهي كلمة رَدْع وزَجْر, ثم استأنف فقال: {إِنّ كِتَابَ الْفُجّارِ}. وقال الحسن: {كَلاّ} بمعنى حَقّا. ورَوَي ناس عن ابن عباس «كَلاّ» قال: ألا تصدقون¹ فعلى هذا: الوقفُ «لِرب العالمِين. وفي تفسير مقاتل: إن أعمال الفجار. وروي ناس عن ابن عباس قال: إن أرواح الفجار وأعمالهم «لفِي سجِينٍ». وروي ابن أبي نجَيج عن مجاهد قال: سجِيّن صخرة تحت الأرض السابعة, تقلب فيجعل كتاب الفجار تحتها. ونحوه عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جُبير ومقاتل وكعب¹ قال كعب: تحتها أرواح الكفار تحت خدّ إبليس. وعن كعب أيضاً قال: سجين صخرة سوداء تحت الأرض السابعة, مكتوب فيها اسم كل شيطان, تلقى أنفس الكفار عندها. وقال سعيد بن جبير: سجين تحت خد إبليس. يحيى بن سلام: حجر أسود تحت الأرض, يكتب فيه أرواح الكفار. وقال عطاء الخُراساني: هي الأرض السابعة السفلى, وفيها إبليس وذرّيته. وعن ابن عباس قال: إن الكافر يحضُره الموت, وتحضره رسل الله, فلا يستطيعون لبغض الله له وبغضهم إياه, أن يؤخروه ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته, فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه, ورفعوه إلى ملائكة العذاب, فأروه ما شاء الله أن يُرُوه من الشر, ثم هبطوا به إلى الأرض السابعة, وهي سجِيّن, وهي آخر سلطان إبليس, فأثبتوا فيها كتابه. وعن كعب الأحبار في هذه الاَية قال: إن رُوح الفاجر إذا قبضت يُصْعد بها إلى السماء, فتأبى السماء أن تقبلها, ثم يُهْبط بها إلى الأرض, فتأبى الأرض أن تقبلَها, فتدخل في سبع أرضين, حتى يُنْتَهِى بها إلى سجِيّن, وهو خد إبليس, فيخرج لها من سجين من تحت خدّ إبليس رَقّ, فيرقم فيوضع تحت خد إبليس. وقال الحسن: سجِيّن في الأرض السابعة. وقيل: هو ضرب مثل وإشارة إلى أن الله تعالى يرد أعمالهم التي ظنوا أنها تنفعهم. قال مجاهد: المعنى عملهم تحت الأرض السابعة لا يصعد منها شيء. وقال: سجين صخرة في الأرض السابعة. وروي أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سجين جُب في جهنم وهو مفتوح» وقال في الفلق: «إنه جُبّ مغطى». وقال أنس: هي دَرَكة في الأرض السفلى. وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: سجين أسفلَ الأرض السابعة». وقال عِكرمة: «سجِين: خسار وضلال¹ كقولهم لمن سقط قدره: قد زلق بالحضيض. وقال أبو عبيدة والأخفش والزجاج: «لفِي سجِينٍ» لفي حبس وضيق شديد, فِعيّل من السّجْن¹ كما يقول: فِسّيق وشِرّيب¹ قال ابن مقبل: ورُفقةٍ يضرِبون البَيْضَ ضاحِيةضَرْباً تواصتْ به الأبطالُ سجِيّناً
والمعنى: كتابهم في حبس¹ جعل ذلك دليلاً على خساسة منزلتهم, أو لأنه يَحُل من الإعراض عنه والإبعاد له مَحَلّ الزجر والهوان. وقيل: أصله سِجّيل, فأبدلت اللام نوناً. وقد تقدّم ذلك. وقال زيد بن أسلم: سجِيّن في الأرض السافلة, وسجِيل في السماء الدنيا. القُشيريّ: سجيّن: موضع في السافلين, يدفن فيه كتاب هؤلاء, فلا يظهر بل يكون في ذلك الموضع كالمسجون. وهذا دليل على خبث أعمالهم, وتحقير الله إياها¹ ولهذا قال في كتاب الأبرار: «يشهده المقربون». {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ} أي ليس ذلك مما كنت تعلمه يا محمد أنت ولا قومك. ثم فسره له فقال: {كِتَابٌ مّرْقُومٌ} أي مكتوب كالرقْم في الثوب, لا يُنْسَى ولا يُمْحى. وقال قتادة: مرقوم أي مكتوب, رقم لهم بشر: لا يُزاد فيهم أحدَ ولا يَنْقُص منهم أحد. وقال الضحاك: مرقوم: مختوم, بلغة حمير¹ وأصل الرقم: الكتابة¹ قال: سأرقم في الماءِ القَراحِ اِليكُمُعلى بعدِكُم اِن كان للمِاءِ راقِمُ
وليس في قوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ} ما يدل على أن لفظ سجين ليس عربياً, كما لا يدل في قوله: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ } بل هو تعظيم لأمر سجين. وقد مضى في مقدّمة الكتاب ـ والحمد لله ـ أنه ليس في القرآن غير عربيّ. {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ} أي شدةٌ وعذاب يوم القيامة للمكذبين. ثم بيّن تعالى أمرهم فقال: {الّذِينَ يُكَذّبُونَ بِيَوْمِ الدّينِ} أي بيوم الحساب والجزاء والفصل بين العباد. {وَمَا يُكَذّبُ بِهِ إِلاّ كُلّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} أي فاجر جائز عن الحق, معتد على الخلق في معاملته إياهم, وعلى نفسه, وهو أثيم في ترك أمر الله. وقيل هذا في الوليد بن المغيرة وأبي جهل ونظرائهما¹ لقوله تعالى: {إِذَا تُتْلَىَ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ} وقراءة العامة «تُتْلَى» بتاءين, وقراءة أبي حَيْوة وأبي سِماك وأشهب العُقَيلي والسّلَمي: «إذا يُتْلَى» بالياء. وأساطير الأولين: أحاديثهم وأباطيلهم التي كتبوها وزخرفوها. واحدها اُسْطورة واِسطارة, وقد تقدّم.
** قوله تعالى: كَلاّ بَلْ رَانَ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ مّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * كَلاّ إِنّهُمْ عَن رّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لّمَحْجُوبُونَ * ثُمّ إِنّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمّ يُقَالُ هَـَذَا الّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ }. قوله تعالى: {كَلاّ بَلْ رَانَ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ مّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}: «كَلاّ»: ردْع وزجْر, أي ليس هو أساطيرَ الأوّلينَ. وقال الحسن: معناها حقاً «رَانَ على قُلُوبهمْ». وقيل: في الترمذيّ: عن أبي هُريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكِتَت في قلبه نُكْتة سوداء, فإذا هو نزع واستغفر الله وتاب, صُقِل قلبه, فإن عاد زيد فيها, حتى تعلُوَ على قلبه, وهو (الرّانُ) الذي ذكر الله في كتابه «كَلاّ بلْ رَان على قُلُوبهمْ ما كانوا يَكْسِبون»». قال: هذا حديث حسن صحيح. وكذا قال المفسرون: هو الذنب على الذنب حتى يسودّ القلب. قال مجاهد: هو الرجل يُذْنب الذنب, فيحيط الذنب بقلبه, ثم يدنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه, حتى تُغَشّي الذنوب قلبه. قال مجاهد: هي مثل الاَية التي في سورة البقرة: {بَلَىَ مَن كَسَبَ سَيّئَةً} ... الاَية. ونحوه عن الفراء¹ قال: يقول كثرت المعاصي منهم والذنوب, فأحاطت بقلوبهم, فذلك الرّيْنُ عليها. ورُوي عن مجاهد أيضاً قال: القلب مثل الكهف ورفع كفه, فإذا أذنب العبد الذنب انقبض, وضم إصبعه, فإذا أذنب الذنب انقبض, وضم أخرى, حتى ضم أصابعه كلها, حتى يُطْبَع على قلبه. قال: وكانوا يرون أن ذلك هو الرّيْن, ثم قرأ {كَلاّ بَلْ رَانَ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ مّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}. ومثله عن حذيفة رضي الله عنه سواء. وقال بكر بن عبد الله: إن العبد إذا أذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة, ثم صار إذا أذنب ثانياً صار كذلك, ثم إذا كثرت الذنوب صار القلب كالمُنْخُل, أو كالغِربال, لا يعي خيراً, ولا يثبُت فيه صلاح. وقد بيّنا في «البقرة» القولَ في هذا المعنى بالأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلا معنى لاِعادتها. وقد روي عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس, وعن موسى عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس شيئاً الله أعلم بصحته¹ قال: هو الرّان الذي يكون على الفخذين والساق والقدم, وهو الذي يُلْبس في الحرب. قال: وقال آخرون: الران: الخاطر الذي يخطر بقلب الرجل. وهذا مما لا يُضْمن عُهْدة صحتِه. فالله أعلم. فأما عامة أهل التفسير فعلى ما قد مضى ذكره قبل هذا. وكذلك أهلُ اللغة عليه¹ يقال: رَانَ على قلبه ذنبُه يَرِينُ رَيْنا ورُيونا أي غلب. قال أبو عُبيدة في قوله: «كَلاّ بلْ رَانَ علَى قُلُوبِهمْ ما كانوا يكسِبُونَ» أي غلب¹ وقال أبو عُبيد: كل ما غلبك (وعَلاَكَ) فقد ران بك, ورانك, وران عليك¹ وقال الشاعر: وكَمْ رانَ مِن ذنبٍ على قلِب فاجِرٍفتابَ مِن الذنبِ الذي رَانَ وانجلَى
ورانتْ الخمر على عقله: أي غلبته, وران عليه النّعاسُ: إذا غطّاه¹ ومنه قول عمر في الاُسَيفع ـ اُسَيْفعِ جُهَيْنة ـ: فأصبح قد رِينَ به. أي غلبته الديون, وكان يَدّانُ¹ ومنه قول أبي زُبَيد يصف رجلاً شرب حتى غلبه الشراب سُكْراً, فقال: ثم لما رآه رانتْ بِهِ الخمــرُ وأنْ لا تَرِينَه بِاتقاءِ
فقوله: رانت به الخمر, أي غلبت على عقله وقلبه. وقال الأمويّ: قد أران القوم فهم مُرِينون: إذا هلكت مواشيهم وهُزِلت. وهذا من الأمر الذي أتاهم مما يغلبهم, فلا يستطيعون احتماله. قال أبو زَيد يقال: قد رِينَ بالرجل رَيْنا: إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه, ولا قبل له وقال: أبو مُعاذ النحويّ: الرّين: أن يسودّ القلب من الذنوب, والطّبَع أن يُطْبَع على القلب, وهذا أشد من الرّين, والإقفال أشد من الطّبَع. الزّجّاج: الرّيْن: هو كالصدأ يُغَشّي القلب كالغيم الرقيق, ومثله الغين, يقال: غِين على قلبه: غُطّي. والغَين: شجر ملتف, الواحدة غيناء, أي خضراء, كثيره الورق, ملتفة الأغصان. وقد تقدم قول الفراء أنه إحاطة الذنب بالقلوب. وذكر الثعلبيّ عن ابن عباس: «ران على قلوبِهم»: أي غطّى عليها. وهذا هو الصحيح عنه إن شاء الله. وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وأبو بكر والمفضل «ران» بالإمالة¹ لأن فاء الفعل الراء, وعينه الألف منقلبة من ياء, فحسنت الإمالة لذلك. ومن فتح فعلى الأصل¹ لأن باب فاء الفعل في (فَعَلَ) الفتح, مثل كال وباع ونحوه. واختاره أبو عُبيد وأبو حاتم ووقف حفص «بَلْ» ثم يبتديء «رَانَ» وقفاً يُبَيّن اللام, لا للسكت. قوله تعالى: {كَلاّ إِنّهُمْ} أي حقاً «إنهم» يعني الكفار {عَن رّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ} أي يوم القيامة {لّمَحْجُوبُونَ}. وقيل: «كلاّ» ردع وزجر, أي ليس كما يقولون, بل {كَلاّ إِنّهُمْ عَن رّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لّمَحْجُوبُونَ}. قال الزجاج: في هذه الاَية دليل على أن الله عز وجل يُرىَ في القيامة, ولولا ذلك ما كان في هذه الاَية فائدة, ولا خست منزلة الكفار بأنهم يحجبون. وقال جل ثناؤه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نّاضِرَةٌ} {إِلَىَ رَبّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة: 22) فأعلم الله جل ثناؤه أن المؤمنين ينظرون إليه, وأعلم أن الكفار محجوبون عنه, وقال مالك بن أنس في هذه الاَية: لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه. وقال الشافعي: لما حجب قوماً بالسخط, دل على أن قوماً يرونه بالرضا. ثم قال: أما والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا. وقال الحسين بن الفضيل: لما حجبهم في الدنيا عن نور توحيده حجبهم في الاَخرة عن رؤيته. وقال مجاهد في قوله تعالى {لّمَحْجُوبُونَ}: أي عن كرامته ورحمته ممنوعون. وقال قتادة: هو أن الله لا ينظر إليهم برحمته, ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. وعلى الأول الجمهور, وأنهم محجوبون عن رؤيته فلا يرونه. {ثُمّ إِنّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} أي ملازموها, ومحترفون فيها غير خارجين منها, {كُلّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا} (النساء: 56) و {كُلّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} (الإسراء: 97). ويقال: الجحيم الباب الرابع من النار. {ثُمّ يُقَالُ} لهم أي تقول لهم خزنة جهنم {هَـَذَا الّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ} رسل الله في الدنيا.
** قوله تعالى: كَلاّ إِنّ كِتَابَ الأبْرَارِ لَفِي عِلّيّينَ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلّيّونَ * كِتَابٌ مّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرّبُونَ }. قوله تعالى: {كَلاّ إِنّ كِتَابَ الأبْرَارِ لَفِي عِلّيّينَ} «كَلاّ» بمعنى حقاً, والوقف على «تكذبون». وقيل أي ليس الأمر كما يقولون ولا كما ظنوا, بل كتابهم في سجين, وكتاب المؤمنين في عِليين. وقال مقاتل: كَلاّ, أي لا يؤمنون بالعذاب الذي يَصْلَونه. ثم استأنف فقال: «اِن كتاب الأبرارِ» مرفوع في عليين على قدر مرتبتهم. قال ابن عباس: أي في الجنة. وعنه أيضاً قال: أعمالهم في كتاب الله في السماء. وقال الضحاك ومجاهد وقتادة: يعني السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين. ورَوَي ابن الأجلح عن الضحاك قال: هي سِدْرة المنتهى, ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها, فيقولون: ربّ! عبدك فلان, وهو أعلم به منهم, فيأتيه كتاب من الله عز وجل مختوم بأمانه من العذاب. فذلك قوله تعالى: {كَلاّ إِنّ كِتَابَ الأبْرَارِ}. وعن كعب الأحبار قال: إن روح المؤمن إذا قبضت صُعد بها إلى السماء, وفُتحت لها أبواب السماء, وتلقّتها الملائكة بالبشرى, ثم يخرجون معها حتى ينتهوا إلى العرش, فيخرج لهم من تحت العرش, رَقّ فيرقم ويختم فيه النجاة من الحساب يوم القيامة ويشهده المقربون. وقال قتادة أيضاً: «فِي عِلييّن» هي فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى. وقال البَرَاء بن عازِب قال النبي صلى الله عليه وسلم: عِلّيون في السماء السابعة تحت العرش». وعن ابن عباس أيضاً: هو لوح من زبرجدة خضراء معلق بالعرش, أعمالهم مكتوبة فيه. وقال الفراء: عِليون ارتفاع بعد ارتفاع. وقيل: عليون أعلى الأمكنة. وقيل: معناه علوّ في علوّ مضاعف, كأنه لا غاية له¹ ولذلك جمع بالواو والنون. وهو معنى قول الطبريّ. قال الفراء: هو اسم موضوع على صفة الجمع, ولا واحد له من لفظة¹ كقولك: عشرون وثلاثون, والعرب إذا جمعت جمعاً ولم يكن له بناء من واحده ولا تثنية, قالوا في المذكر والمؤنث بالنون. وهي معنى قول الطبري. وقال الزجاج: إعراب هذا الأسم كإعراب الجمع, كما تقول: هذه قِنّسْرون, ورأيت قِنسرين. وقال يونس النحوي واحدها: عِليّ وعِلية. وقال أبو الفتح: عِليين: جمع عِليّ, وهو فِعّيل من العلوّ. وكان سبيله أن يقول عِلّية كما قالوا للغرفة عِلّية¹ لأنها من العلو, فلما حذف التاء من عِلية عوضوا منها الجمع بالواو والنون, كما قالوا في أرضين. وقيل: إن عليين صفة للملائكة, فإنهم الملأ الأعلى¹ كما يقال: فلان في بني فلان¹ أي هو في جملتهم وعندهم. والذي في الخبر من حديث ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل عِليين لينظرون إلى الجنة من كذا, فإذا أشرف رجل من أهل عِليين أشرقت الجنة لضياء وجهه, فيقولون: ما هذا النور؟ فيقال أشرف رجل من أهل عِليين الأبرار أهل الطاعة والصدق». وفي خبر آخر: «إن أهل الجنة ليرون أهل عِليين كما يُرى الكوكب الدّرّيّ في أفق السماء» يدل على أن عِليين اسم الموضع المرتفع. وروى ناس عن ابن عباس في قوله «عِليين» قال: أخبر أن أعمالهم وأرواحهم في السماء الرابعة. ثم قال: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلّيّونَ} أي ما الذي أعلمك يا محمد أي شيء عليون؟ على جهة التفخيم والتعظيم له في المنزلة الرفيعة. ثم فسره له فقال: {كِتَابٌ مّرْقُومٌ }. وقيل: إن «كتاب مرقوم» ليس تفسير العِليين, بل تم الكلام عند قوله «عليون» ثم ابتدأ وقال: «كتاب مرقوم» أي كتاب الأبرار كتاب مرقوم ولهذا عكس الرقم في كتاب الفجار¹ قاله القشيريّ. وروي: أن الملائكة تصعد بعمل العبد فيستقبلّونهُ (ويحتقرونه,) فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم: إنكم الحفَظَة على عبدي, وأنا الرقيب على ما في قلبه, وإنه أخلص لي عمله, فاجعلوه في عليين, فقد غفرت له, وإنها لتصعد بعمل العبد, فيتركونه فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحي إليهم: أنتم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه, وإنه لم يخلص لي عمله, فاجعلوه في سِجّين. قوله تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرّبُونَ} أي يشهد عمل الأبرار مقربو كل سماء من الملائكة. وقال وهب وابن إسحاق: المقربون هنا إسرافيل عليه السلام, فإذا عمل المؤمن عمل البر, صَعِدت الملائكة بالصحيفة وله نور يتلألأ في السموات كنور الشمس في الأرض, حتى ينتهي بها إلى إسرافيل, فيختم عليها ويكتب فهو قوله: «يشهده المقربون» أي يشهد كتابتهم.
** قوله تعالى: إِنّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأرَآئِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رّحِيقٍ مّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرّبُونَ }. قوله تعالى: {إِنّ الأبْرَارَ} أي أهل الصدق والطاعة. {لَفِي نَعِيمٍ} أي نَعْمة, والنّعمة بالفتح: التنعيم¹ يقال: نَعّمه الله وناعمه فتنعم, وامرأة منعّمة ومناعَمة بمعنى. أي إن الأبرار في الجنات يتنعمون. {عَلَى الأرَآئِكِ} وهي الأسرة في الحجِال {يَنظُرُونَ} أي إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامات¹ قاله عكرمة وابن عباس ومجاهد. وقال مقاتل: ينظُرون إلى أهل النار. وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ينظرون إلى أعدائهم في النار» ذكره المَهْدَوِيّ. وقيل: على أرائك أفضاله ينظرون إلى وجهه وجلاله. قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النّعِيمِ} أي بهجته وغضارته ونوره¹ يقال: نضر النبات: إذا ازهر ونوّر. وقراءة العامة «تعرِفُ» بفتح التاء وكسر الراء «نَضْرةَ» نصباً¹ أي تعرف يا محمد. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ويعقوب وشيبة وابن أبي إسحاق: «تُعْرَف» بضم التاء وفتح الراء على الفعل المجهول «نضرة» رفعاً. {يُسْقَوْنَ مِن رّحِيقٍ} أي من شراب لا غِش فيه. قاله الأخفش والزجّاج. وقيل, الرحيق الخمر الصافية. وفي الصحاح: الرحيق صفوة الخمر. والمعنى واحد. الخليل: أصفىَ الخمر وأجودها. وقال مقاتل وغيره: هي الخمر العتيقة البيضاء الصافية من الغش النيرة, قال حسان: يَسْقون مَنْ وَرَدَ البريصَ علَيْهِمُبَرَدَى يُصَفّق بالرِحيقِ السلسلِ
وقال آخر: أمْ لا سبِيلَ اِلى الشباب وذكرهأشْهى اِلىّ مِن الرحيقِ السّلْسَلِ
قوله تعالى: {مّخْتُومٍ} {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قال مجاهد: يختم به آخر جُرْعة. وقيل: المعنى إذا شربوا هذا الرحيق ففنى ما في الكأس, انختم ذلك بخاتم المسْك. وكان ابن مسعود يقول: يجدون عاقبتها طعم المسك. ونحوه عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي قالا: ختامه آخر طعمه. وهو حسن¹ لأن سبيل الأشربة أن يكون الكَدَر في آخرها, فوصف شراب أهل الجنة بأن رائحة آخره رائحة المسك. وعن مسروق عن عبد الله: قال المختوم الممزوج. وقيل: مختوم أي ختمت ومنعت عن أن يمسها ماس إلى أن يَفُكّ ختامها الأبرار. وقرأ عليّ وعلقمة وشقيق والضحاك وطاوس والكسائي «خاتَمه» بفتح الخاء والتاء وألف بينهما. قاله علقمة: أما رأيت المرأة تقول للعطار: اجعل خاتَمه مسكاً, قاله الفراء. وفي الصحاح: والخِتام: الطين الذي يُخْتم به. وكذا قال مجاهد وابن زيد: خُتم إناؤه بالمسك بدلاً من الطين. حكاه المهدويّ. وقال الفرزدق: * وبِت أفُضّ أغلاق الخِتامِ * وقال الأعشى: * وأبرزها وعليها خَتَمْ * أي عليها طينة مختومة¹ مثل نَفْضٍ بمعنى منفوضٍ, وقَبْضٍ بمعنى مقبوضٍ. وذكر ابن المبارك وابن وهب, واللفظ لابن وهب, عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: «خِتامه مِسْك»: خَلْطه, ليس بخاتم يختم, ألا ترى إلى قول المرأة من نسائكم: إن خِلْطه من الطّيب كذا وكذا. إنما خِلْطه مسك¹ قال: شراب أبيض مثل الفضة يختِمون به آخر أشربتهم, لو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها, لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها. وروي اُبَيّ بن كعب قال: قيل يا رسول الله ما الرحيق المختوم؟ قال: «غُدْران الخمر». وقيل: مختوم في الاَنية, وهو غير الذي يجري في الأنهار. فالله أعلم. {وَفِي ذَلِكَ} أي وفي الذي وصفناه من أمر الجنة {فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} أي فليرغب الراغبون¹ يقال: نَفَسْت عليه الشيء أنْفسِه نفاسة: أي ضنِنت به, ولم أحبّ أن يصير إليه. وقيل: الفاء بمعنى إلى, أي وإلى ذلك فليتبادر المتبادرون في العمل¹ نظيره: لِمِثلِ هذا فليعملِ العامِلون». {وَمِزَاجُهُ} أي ومزاج ذلك الرحيق {مِن تَسْنِيمٍ} وهو شراب ينصبّ عليهم من علوّ, وهو أشرف شراب في الجنة. وأصل التسنيم في اللغة: الارتفاع, فهي عين ماء تجري من علو ألى أسفل¹ ومنه سنام البعير لعلوّه من بدنه, وكذلك تسنيم القبور. وروي عن عبد الله قال: تسنيم عين في الجنة يشرب بها المقرّبون صِرْفاً, ويمزح منها كأس أصحاب اليمين فتطيب. وقال ابن عباس في قوله عز وجل: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ} قال: هذا مما قال الله تعالى: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مّآ أُخْفِيَ لَهُم مّن قُرّةِ أَعْيُنٍ}. (السجدة: 17) وقيل: التسنيم عين تجري في الهواء بقدرة الله تعالى, فتنصبّ في أواني أهل الجنة على قدر مائها, فإذا امتلأت أمسك الماء, فلا تقع منه قطرة على الأرض, ولا يحتاجون إلى الاستقاء¹ قاله قتادة. ابن زيد: بلغنا أنها عين تجري من تحت العرش. وكذا في مراسيل الحسن. وقد ذكرناه في سورة «الإنسان». {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرّبُونَ} أي يشرب منها أهل جنة عدنٍ, وهم أفاضل أهل الجنة, صِرْفاً, وهي لغيرهم مِزاج. و «عينا» نصب على المدح. وقال الزجاج: نصب على الحال من تسنيم, وتسنِيم معرفة, ليس يعرف له اشتقاق, وإن جعلته مصدراً مشتقاً من السنام فـ «ـعينا» نصب¹ لأنه مفعول به¹ كقوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} (البلد: 14) وهذا قول الفراء إنه منصوب بتسنيم. وعند الأخفش بـ «ـيُسْقَون» أي يسقون عينا أو من عين. وعند المبرد بإضمار أعني على المدح.
** قوله تعالى: إِنّ الّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوَاْ إِلَىَ أَهْلِهِمْ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوَاْ إِنّ هَـَؤُلاَءِ لَضَالّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأرَآئِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوّبَ الْكُفّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }. قوله تعالى: {إِنّ الّذِينَ أَجْرَمُواْ} وصف أرواح الكفار في الدنيا مع المؤمنين باستهزائهم بهم, والمراد رؤساء قريش من أهل الشرك. روي ناس عن ابن عباس قال: هو الوليد بن المغيرة, وعُقْبة بن أبي مُعَيْط, والعاص بن وائل, والأسود بن عبد يغوث, والعاص بن هشام, وأبو جهل, والنضر بن الحارث¹ وأولئك {كَانُواْ مِنَ الّذِينَ آمَنُواْ} من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مثل عَمار, وخَبّاب وصُهَيب وبِلال {يَضْحَكُونَ} على وجه السخرية. {وَإِذَا مَرّواْ بِهِمْ} عند إتيانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم {يَتَغَامَزُونَ}: يغمز بعضهم بعضاً, ويشيرون بأعينهم. وقيل: أي يعيّرونهم بالإسلام ويعيبونهم به¹ يقال: غمزت الشيء بيدي¹ قال: وكنت إذا غمزتُ قناةَ قومٍكَسَرْت كُعوبَها أو تستقِيماً
وقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد غمزني, فقبضت رجلي. الحديث¹ وقد مضى في «النساء». وغمزته بعيني. وقيل: الغمز: بمعنى العيب, يقال غمزه: أي عابه, وما في فلان غَمْزة أي عيب. وقال مقاتل: نزلت في عليّ بن أبي طالب جاء في نفر من المسلمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَلَمَزهُمُ المنافقون, وضحكوا عليهم وتغامزوا. {وَإِذَا انقَلَبُوَاْ} أي انصرفوا إلى أهلهم وأصحابهم وذَويهم {انقَلَبُواْ فَكِهِينَ} أي مُعَجّبين منهم. وقيل: مُعْجَبون بما هم عليه من الكفر, متفكهون بذكر المؤمنين. وقرأ ابن القعقاع وحفص والأعرج والسلميّ: «فَكِهِين» بغير ألف. الباقون بألف. قال الفراء: هما لغتان مثل طمِع وطامِع وحذِر, وحاذِر وقد تقدم في سورة «الدخان» والحمد لله. وقيل: الفكهِ: الأشِر البطر والفاكه: الناعم المتنعم. {وَإِذَا رَأَوْهُمْ} أي إذا رأى هؤلاء الكفار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم {قَالُوَاْ إِنّ هَـَؤُلاَءِ لَضَالّونَ} في اتباعهم محمداً صلى الله عليه وسلم {وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} لأعمالهم, موكلين بأحوالهم, رقباء عليهم {فَالْيَوْمَ} يعني هذا اليوم الذي هو يوم القيامة {الّذِينَ آمَنُواْ} بمحمد صلى الله عليه وسلم {مِنَ الْكُفّارِ يَضْحَكُونَ} كما ضحك الكفار منهم في الدنيا. نظيره في آخر سورة «المؤمنين» وقد تقدم. وذكر ابن المبارك: أخبرنا محمد بن بشار عن قتادة في قوله تعالى {فَالْيَوْمَ الّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفّارِ يَضْحَكُونَ} قال: ذُكِر لنا أن كعباً كان يقول إن بين الجنة والنار كُوًى, فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوّ كان له في الدنيا اطلع من بعض الكُوَى¹ قال الله تعالى في آية أخرى: {فَاطّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ الْجَحِيمِ} (الصافات: 55) قال: ذُكِر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم تَغْليِ. وذكر ابن المبارك أيضاً: أخبرنا الكلبيّ عن أبي صالح في قوله تعالى {اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (البقرة: 15) قال: يقال لأهل النار وهم في النار: اخرجوا, فتفتح لهم أبواب النار, فإذا رأوها قد فتحت أقبلوا إليها يريدون الخروج, والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك, فإذا انتهوا إلى أبوابها غُلّقت دونهم¹ فذلك قوله¹ {اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (البقرة: 15) ويضحك منهم المؤمنون حين غُلقّتْ دونهم فذلك قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ الّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفّارِ يَضْحَكُونَ}. {عَلَى الأرَآئِكِ يَنظُرُونَ} {هَلْ ثُوّبَ الْكُفّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} وقد مضى هذا في أول سورة «البقرة». ومعنى «هل ثُوّب» أي هل جُوزي بسخريتهم في الدنيا بالمؤمنين إذا فُعِل بهم ذلك. وقيل: إنه متعلق بـ«ـينظرون» أي ينظرون: هل جُوزي الكفار؟ فيكون معنى هل (التقرير) وموضعها نصباً بـ«ـينظرون». وقيل: استئناف لا موضع له من الإعراب. وقيل: هو إضمار على القول, والمعنى¹ يقول بعض المؤمنين لبعض «هل ثُوّب الكفار» أي اُثيب وجُوزي. وهو من ثاب يثوب أي رجع¹ فالثواب ما يرجع على العبد في مقابلة عمله, ويستعمل في الخير والشّر. ختمت السورة والله أعلم.
| |
|