المقصود بالتحرش الجنسي هو تعرض الطفل لأي سلوك أو نشاط جنسي من الآخر أو تعمد إثارته بأي شكل من الوسائل المستعملة لذلك الغرض. و يلجأ لمثل هذه الأفعال بعض المنحرفين من المراهقين والبالغين بشكل مستور. ويتردد الأطفال بالتصريح بتعرضهم لتحرش جنسي، ليتجنبوا الشعور بالإذلال و الخزي الملازم لهم الناتج من جراء الإعتداء عليهم. ويمكن أن يكون وراء ذلك عوامل أخرى، مثل الحاق فضيحة بالمعتدي في حالة كونه من الأقرباء.و يعتبر التحرش الجنسي من الإعتداءات الأكثر سرية، بينما أنواع التعديات الأخرى على الأطفال البدنية أو بسبب الإهمال وغيرها، لايمكن اخفاءها. بينت دراسات عديدة أن حوالى 28 % من الأطفال قد تعرضوا للتحرش الجنسي قبل بلوغهم عشر سنوات. و له آثار نفسية واحتماعية آنية ومستقبلية على حياة الطفل.
إن الطفل لا توجد لديه ميولات جنسية بنفس المعنى التي هي عند الكبار، فإذا كانت لديه مثل هذه الميولات فهي سلوكات منحرفة كتقليد للكبار،أو أجبار للطفل لفعل ذلك، أو استدراج الطفل بعد انشاء الصلة المتعدية، معنى ذلك أن المتحرش جنسيا، يبدأ في بناء علاقات مع الذين هم في صلة وطيدة مع الطفل، لكسب ثقته به، ويتسنى له الأمر بعد ذلك التخطيط لكيفية بالفعل المشين.
توعية الأطفال تكون بطريقة مبسطة مناسبة لمرحلة النمو اللغوي والإدراكي لديه. تحذيره من احتمال وقوعه في مثل هذه المشكلة، هي بأن تعلمه كيف يحمي نفسه وتدربه على ذلك دون التركيز على أن مثل هذا السلوك المتعلم هو لحمايته تحديدا من التحرش الجنسي. لأن الإفراط في التحذير بطرق غير مناسبة، يمكن أن يولد فيه شعور بالخوف الكبير من الوقوع والتعرض للتحرش الجنسي. وعليه فإن افهامه مثلا رفض تحسس جسمه من الآخر، هو حفاظ على نظافته ونقاءه قبل كل شيء و يعزز ثقته في هذا الجسم الذي يعبر عنه كفرد في هذه الأسرة والمجتمع ، ولكل مجتمع خصائص ومبادئ ومعايير اجتماعية مألوفة يمكن الإستناد عليها وتبسيطها لكي يعيها الطفل. وما سنتتطرق إليه في الفقرات الموالية إلا نوع من الإجراءات التي يمكن توظيفها.
كيفية وقاية الطفل من التعرض للتحرش الجنسي
يعود إلى عملية التثقيف المناسب لعمر الطفل ونمو قدراته المعرفية والمعلومات الدقيقة الموافقة لذلك، التي نقدمها له. إن تربية الطفل هي صناعة ( كما ورد في القرآن الكريم حول سيدنا موسى عليه السلام " ولتصنع على عيني " " واصطنعتك لنفسي" ). وكل مرحلة من حياة الطفل لها خصائصها التي يجب مراعاتها في اعداده من هذا الجانب. وهناك تقسمات علمية نفسية عديدة لهذه المراحل، إلا أننا نورد الإجراءات العمليات على مختلف مراحل نمو الطفل دون اتباع تصنيف معين لها. ونتطرق إلى كيفية حماية الطفل بمراعات بعض الجوانب المعرفية و التربوية الجسدية والنفسية والإجتماعية، التي تبدوا لنا رئييسية.
الجسدية
الجسد مصدر الإحساسات المختلفة ، اعطاء اهمية في نمو هذه الأحاسيس اللمسية منها خاصة، تمثل جزءا هاما في بناء المخزون المعرفي لدى الطفل وصقل سلوكات تربوية لديه. مما يجعل نمو هذا الجانب في شخصية الطفل بشكل سوي له دور هو أيضا في حمايته لاحقا من ميله إلى ما يثير ويسهل وقوع التحرش الجنسي عليه.
ومن أهم النصائح المعمول بها نذكر:
- البداية تكون بالعناية بالطفل في مداعبته و عدم تعدد الأشخاص القائمين على تغيير ملابسه وحمايته .
- عدم الفرط في تحسيسه بمواضع العورات.
- نهيه عن اللعب الجنسي أو بالأعضاء الجنسية.
- عدم تكرار المدح بجمال شكل الجسم.
- التفريق بين الأطفال الإخوة في المضاجع، كما ورد في وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
النفسية
كون الطفل يتعلم بالتقليد، كأولى وسائل التعلم لديه، ثم يدرك فيما بعد معنى الكلام و تبعاته فإنه يفضل ادراك الكبار لعدة سلوكات يجب عدم القيام بها، من جهة أخرى تدريبه على مهارات أخرى معرفية المناسبة لعمره، و من بين ما يتضمنه كل ذلك:
- تجنب تكرارية الحركات والسلوكات التي يقوم بها الكبار التي لها علاقة بالإثارة الجنسية كالتقبيل و الإحتضان و تحسيس اليد و وضع اليد على الشعر .
- اجتناب التعرض لمثيرات من وسائل الإعلام، ومن الوسط المحيط.
- التوجيه عن بعد بعين لا تغفل عن حالته العامة و مراقبتهم أثناء اللعب خلوة، التفطن لتغيرات سلوك الطفل و في أسلوب تعامله مع أفراد العائلة.
- يفضل مصاحبة الطفل و لا يترك في البيت وحده مع غيره ، أو تركه في منزل جده
- تعويده على سرد المواقف أو التعديات التي يتعرض لها به.
- تعليم الطفل الصراحة في الكلام.
- عدم قبول هدايا أ و ماشابه ذلك من الآخرين.
- أن لا يسمح لأحد تجريده من ثيابه بل لا يقبل حتى سماع مثل هذا العرض، ولو من الأقرباء.
كما يمثل عامل الإبتعاد عن الأماكن الخالية أهم العناصر في المعرفية التربوية للطفل.حيث أن الإعتداء يقع على الطفل عموما على شكل عمل مقصود مع سبق الترصد أوبانتهاز الفرصة المناسبة. ولايمكن أن يحدث إلا في حالة خلو المعتدي بالضحية. وهو مايمثل الفرضية الاساسية التي يجب تلقينها للطفل. لذا يعمل الوالدين أو القائم على الرعاية ب تذكيره و تنبيهه في كل مرة برفض الذهاب إلى مكان منعزل ، مع أي شخص غريب أو مع غير الذين حددهم له الوالدين .
الاجتماعية
مهارات الطفل الإجتماعية في طور النمو والبناء ، وعليه فإن تطويرها مع إمكانيات تفادي حالات التحرش الجنسي؛ ترتكز على نوعية العلاقات والتفاعلات مع الآخرين التي يتعلمها الطفل. و للأسرة والمعلمين دور بارز في تكوين المجتمع المحلي الذي يمكن أن يكون مصدر التحرش الجنسي أو ضعف الطفل في اكتساب المعارف الأساسية لتجنبه. ويعمل الآباء على توجيهه إلى الحصص والبرامج التربوية الخاصة بالأطفال والموافقة لسنه.
وقد أوجدت مؤسسات اجتماعية تعتني بالطفل من عدة جوانب ، وتقدم المعلومات العلمية الإخلاقية منها والقانونية. كما لديها برامج من أجل تطوير مهارات الطفل الإجتماعية.
يميل الأطفال للرضوخ إلى سلطة البالغين، خاصة الأقرباء. حيث التحذيرات المتكررة لاتنفع ، لكن لايعني ذلك الإستسلام لواقع مفروض، بل التأكيد أثناء التحذير على أن مثل هذا العمل غير مقبول حتى وإن كان من اقرب المقربين. ونجاح اتخاذ التدابير المعرفية والتربوية يتمثل في:
- حماية الطفل من وقوعه في مشكلة التحرش الجنسي. مما يجعله في منأى عن العديدي من الإضطرابات النفسية التي تنجم عن مثل هذه الصدمات.
- فشل المحاولة الأولى في حالة وقوعها. لأن الطفل سيقوم بابلاغ اهله عن المشكلة التي حدثت له.بالتالي تخلص الطفل من الإعتداء المتكرر ومعرفة المتحرش جنسيا، والقضاء على سلوك ادماني كان يمكن أن ينتشر ويمس آخرون في المجتمع.
- كسر حلقة خوف افشاء السر في حالة وقوع التحرش، بقاء السر في طي الكتمان، يجعل المنحرف يواصل سلوكه إزاء الضحية، وازاء آخرين، والتأثير سلبا على مستقبل أفراد المجتمع.